|
|

تقول المعلومات الواردة صباح هذا اليوم من أنقرة، بأن الرئيس التركي عبد الله غول قد غادر في زيارة رسمية إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، وذلك في إطار تعزيز العلاقات الثنائية الأمريكية – التركية. هذا وقد أشارت صحيفة زمان اليوم التركية إلى تصريحات عبد الله غول الأخيرة التي أثنى فيها على الولايات المتحدة قائلاً بأن حليفي الناتو –أي تركيا وأمريكا- قد تركا مرحلة مضطربة وراءهما، على النحو الذي أدى إلى بدء صفحة جديدة في علاقات أنقرة – واشنطن. * أبرز التساؤلات: توترت علاقات أنقرة واشنطن كثيراً بسبب ملف إقليم كردستان العراقي وتداعياته المحتملة على جنوب تركيا، وقد توترت العلاقات أكثر فأكثر عندما أجازت لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس النواب الأمريكي مشروع قرار المذبحة الأرمنية، كذلك تجدر الإشارة إلى أن خلافات أنقرة – واشنطن تتضمن المزيد من الملفات الساخنة الأخرى، وعلى وجه الخصوص ملف الأزمة القبرصية، وملف التعاون التركي – الإيراني، إضافة إلى ملف النزاع التركي – اليوناني حول جزر بحر إيجة، وأيضاً ملف الرفض التركي للتعاون مع الولايات المتحدة في استهداف إيران والحرب ضد العراق. التطورات السياسية الداخلية الجارية في تركيا حالياً، أدت إلى تعقيد أجندة علاقات أنقرة – واشنطن، فقد صعد حزب العدالة والتنمية الإسلامي إلى السلطة، وبالمقابل هبط نفوذ القوى العلمانية في السياستين الخارجية والداخلية. وقد اعتبر المراقبون هذا التحول السياسي بمثابة مؤشر ينذر بتحول مماثل في علاقات أنقرة – واشنطن، خاصة وأن حزب العدالة والتنمية الإسلامي قد تكون على أنقاض حزب الرفاه الإسلامي الذي دعمت الولايات المتحدة القوى العلمانية التي نكلت به آنذاك، وألقت بزعيمه نجم الدين أربكان وبقية زعماء الحزب في غياهب السجن. زار رئيس الوزراء التركي أردوغان واشنطن وعقد اجتماعاً مع الرئيس بوش في الخامس من تشرين الثاني الماضي، وقد أعقب تلك الزيارة قيام الإدارة الأمريكية بدعم أنقرة بالمعلومات الاستخبارية عن الأكراد، على النحو الذي مكن الجيش التركي من القيام باستهداف قواعد حزب العمال الكردستاني. والآن تأتي زيارة الرئيس التركي وزعيم حزب العدالة والتنمية الإسلامي عبد الله غول إلى واشنطن: فبأي طريقة يمكن أن نفهم التطورات الأخيرة الجارية على خطوط محور أنقرة – واشنطن؟، هل تحاول واشنطن ترويض أنقرة أم أن أنقرة نجحت في ترويض واشنطن عن طريق مواقفها الصلبة التي جعلت واشنطن أمام خيارين لا ثالث لهما إما الوقوف إلى جانب أنقرة أو خسارة أنقرة وتحمل ما يمكن أن يترتب على هذه الخسارة من خسائر أخرى إضافية؟ * الأبعاد المعلنة للزيارة: أوردت صحيفة تيركش ويكلي اليوم على موقعها الإلكتروني أن زيارة الرئيس غول إلى واشنطن تهدف إلى الآتي: • تأمين استمرارية الدعم الأمريكي لأنقرة في صراعها الجاري ضد حزب العمال الكردستاني. • حث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لبذل المزيد من الجهود في إحياء عملية السلام في قبرص خلال العام 2008م. وتقول المعلومات بأن الرئيس بوش سوف يستقبل الرئيس غول صباح الثلاثاء في مكتبه بالبيت الأبيض، قبيل مغادرة الرئيس بوش إلى الشرق الأوسط. وحتى الآن، فإن الجانب المعلن حول لقاء بوش – غول يقول أن الرئيس غول سيشكر الرئيس بوش على تعاون واشنطن مع أنقرة والذي تضمن: * موافقة واشنطن لأنقرة بالقيام بعمل عسكري ضد شمال العراق. * تزويد أنقرة بالمعلومات الاستخبارية الميدانية الجارية. * فتح أجواء شمال العراق أمام الطيران الحربي التركي. * السماح للقوات التركية بتنفيذ عمليات تغلغل محدودة. * مناقشة ملف انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي. * التطرق لعملية سلام الشرق الأوسط. * التطرق للعلاقات التركية – العربية والعلاقات التركية – الإسرائيلية. * التطرق للملف النووي الإيراني. * التطرق للأزمة الباكستانية. وأضافت الصحيفة التركية قائلة بأن الوساطة التركية المتعلقة بالعمل من أجل استئناف المحادثات السورية – الإسرائيلية إضافة إلى الوساطة التركية المتعلقة بحل الأزمة الرئاسية اللبنانية سوف يتم التطرق لها في واشنطن. سوف يقابل الرئيس التركي بالإضافة إلى الرئيس بوش، كل من نائب الرئيس ديك تشيني ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ووزير الدفاع روبرت غيتز. * الأبعاد غير المعلنة للزيارة: حتى الآن تشير تسريبات أنقرة – واشنطن إلى وجود توافق تركي – أمريكي حول عدد من القضايا المتعلقة بالبيئة الإقليمية التركية ومن أبرزها: • التوافق حول وحدة وسلامة العراق. • التوافق حول أمن منطقة القوقاز. • التوافق حول استقرار البلقان. • التوافق حول مستقبل إقليم كوسوفو. • التوافق حول أهمية نشر الديمقراطية وتطبيق حقوق الإنسان، وتعميم اقتصاد السوق. أما نقاط عدم التوافق الأمريكي – التركي فتتمثل في: • مصير إقليم كركوك. • حل الأزمة القبرصية. عموماً، لقد نجحت أنقرة في الضغط على واشنطن خلال الفترة الماضية فيما يتعلق بملف إقليم كردستان العراقي، ونجحت في تحقيق اختراق كبير حصلت بموجبه على موافقة واشنطن بتنفيذ العمليات العسكرية في شمال العراق، ولكن الأداء السلوكي العسكري التركي الميداني يشير إلى أن عملية الاقتحام العسكري الكامل أمر غير وارد، خاصة وأن واشنطن تنظر إليها باعتبارها خطر يهدد الوجود العسكري الأمريكي في العراق. ولكن على ما يبدو فقد جاء دور أنقرة لكي تواجه الضغوط، فمن المعروف أن قبرص قد انقسمت إلى دولتين، الأولى قبرص التركية في الجزء الشمالي والثانية قبرص اليونانية في الجزء الجنوبي، وقد استغل الاتحاد الأوروبي فرصة انقسام قبرص كذريعة لإيقاف ملف ضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وقد اشترط الاتحاد الأوروبي أن تقوم تركيا بفتح مطاراتها وموانئها وأسواقها أمام حركة السلع والخدمات القادمة من قبرص اليونانية، وهو أمر لو نفذته السلطات التركية فإن ذلك يشكل اعترافاً عملياً بقبرص اليونانية وهو أمر ترفضه أنقرة. ولما كان ملف الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي من الملفات الفائقة الحساسية بالنسبة للرأي العام التركي فمن المؤكد أن هذا الملف ستقوم الإدارة الأمريكية بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي لاستخدامه ليقوم بدور الورقة الرئيسية في عملية ترويض أنقرة وإضعاف شعبية حزب العدالة والتنمية الإسلامي وتجديد حيوية القوى والأحزاب العلمانية التركية. العامل الإسرائيلي بالتأكيد سوف يكون حاضراً بقوة في أجندة ترويض أنقرة، وعلى الأغلب أن يحاول محور واشنطن – تل أبيب البدء بوضع أنقرة أمام خيار: لكي تقوم واشنطن بالقضاء على عقبة ساركوزي الفرنسي وعقبة أنجيلا ميركل الألمانية اللتان تعارضان انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، فإن على أنقرة القيام بدعم التوجهات التركية إزاء ملفات سوريا ولبنان والعراق وفلسطين وإيران أو على الأقل اتخاذ المواقف السلبية. الشارع التركي تؤثر على توجهاته الكلية ثلاثة قضايا رئيسية هي: الملف الكردي، الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والصراع بين العلمانية والدين. وهناك تفاعلات تترتب على هذه القضايا فعندما تتصاعد أزمة الملف الكردي تقل أهمية ملف الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وملف الصراع بين العلمانية والدين، وعندما يهدأ الملف الكردي تبدأ لعبة التداخل بين الملفين الأخيرين على أساس اعتبارات أن تزايد احتمالات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي سيؤدي بالضرورة إلى تزايد نفوذ القوى العلمانية وعندما تقل احتمالات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي يتزايد نفوذ القوى الإسلامية، وهي اللعبة التي سينخرط فيها محور تل أبيب – واشنطن من أجل ترويض أنقرة فهل ستنجح اللعبة؟ أم أن مصيرها سوف يكون إلى الفشل خاصة وأن إدارة بوش سوف تغادر البيت الأبيض نهاية العام الحالي ولم يعد أمامها متسع من الوقت لترويض عاصمة سرق أوسطية كبيرة بحجم أنقرة.

تلعب الحوارات والتفاهمات دوراً هاماً في إعادة تشكيل وصياغة علاقات التعاون والصراع السائدة في الخرائط الإقليمية والدولية، وبالذات في الاعتبارات المتعلقة بقضايا الأمن الإقليمي، والاقتصاد الإقليمي وبناء التحالفات السياسية. * حوا ر المنامة: مواصفات "الروشتة" الإقليمية: تقول المعلومات بأن حوار المنامة الذي عقد خلال اليومين الماضيين قد دخل مرحلة الجولة الرابعة: • البعد البنائي: تقوم حكومة دولة البحرين برعاية جولات المنامة، ويقوم المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية البريطاني بالإشراف عليه. أما الدول التي شاركت في جولة الحوار الأخيرة فهي: * دول عربية: مصر، الكويت، العراق، الأردن، عمان، قطر، السعودي، الإمارات العربية المتحدة، اليمن. * دول شرق أوسطية غير عربية: تركيا، باكستان،. * دول أخرى: الصين، فرنسا، ألمانيا، الهند، اليابان، روسيا، بريطانيا، الولايات المتحدة. • البعد القيمي: ركزت جولة حوار المنامة على ملف امن الخليج، والقضايا الأخرى المتعلقة بأمن الخليج. • البعد التفاعلي: اللافت للنظر في حوار المنامة هو الاهتمام الأمريكي الكبير، فقد شارك وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتز ممثلاً الولايات المتحدة، وفي ذلك إشارة واضحة إلى مدى الاهتمام الأمريكي الكبير بهذا الحوار وأيضاً إلى التوقعات الجارية المتعلقة بلعبة الخليج العربي التي أصبحت الولايات المتحدة تمسك بمعظم أوراقها الرئيسية. كذلك كان لافتاً للنظر حضور وزير الدفاع التركي، فيدي غونول على رأس الوفد التركي الذي ضم بعض كبار أعضاء البرلمان التركي. * إدارة الحوار: سيطر موضوعان على حوار المنامة هما: • ملف الأزمة العراقية. • ملف الأزمة الإيرانية. بالنسبة لملف الأزمة العراقية فقد ركزت إدارة الحوار على عدم النظر إلى الوجود الأمريكي في العراق باعتباره من المخاطر المهددة لأمن الخليج، ولا إلى الوجود العسكري الأمريكي المكثف في منطقة الخليج باعتباره أيضاً يهدد أمن الخليج. أما بالنسبة لملف الأزمة الإيرانية، فقد ركزت المداخلات على اعتبار أنشطة البرنامج النووي الإيراني تشكل خطراً يهدد امن الخليج. ويشير التحليل إلى أن مداخلات حوار المنامة كانت جميعها تمضي في اتجاه تعزيز العلاقات الاندماجية بين نموذج مهددات وحماية أمن الخليج، ومهدد وحماية الأمن القومي الأمريكي، ضمن نموذج أمني استراتيجي إقليمي واحد. * المناورة على الخطوط المباشرة وغير المباشرة: تشير التسريبات إلى أن الحضور التركي الكبير الوزن في حوار المنامة، هي بمثابة خطوة على المسار غير المباشر الذي يهدف إلى التمهيد بتركيا للقيام بدور أمني إقليمي استراتيجي في منطقة الخليج العربي، وتقول التحليلات بأن مجلس الأمن القومي الأمريكي يحاول حالياً إعادة إنتاج نسخة جديدة من إستراتيجية العمود المزدوج (السعودية – إيران) التي كانت معتمدة في الماضي للحفاظ على توازن واستقرار منظومة الأمن الإقليمي الخاصة بمنطقة الخليج، كذلك يجب أن يكون العمود المزدوج هذه المرة ممثلاً بالسعودية وتركيا طالما أن العراق يمكن أن يمثل الممر الواصل بينهما. تزامن حضور وزير الدفاع التركي لجولة حوار المنامة مع اجتماع واشنطن الذي جمع الرئيس التركي عبد الله غول والرئيس الأمريكي جورج بوش. يقول التحليل الذي نشرته صحيفة زمان اليوم التركية حول حوار المنامة الذي جمع وزيري الدفاع التركي والأمريكي مع وزراء الدفاع الخليجيين، بأن تركيا يتوجب عليها أن تلعب دوراً رئيسياً في استقرار وأمن الخليج، كما أن وجود وزي ر الدفاع التركي بجانب وزير الدفاع الأمريكي ووزراء الدفاع الخليجيين هو أمر يشير بوضوح إلى: • موافقة البلدان الخليجية على قيام تركيا بلعب دور عسكري – امني في الخليج. • رعاية الولايات المتحدة للدور العسكري الأمني التركي في الخليج. • استعداد تركيا للقيام بهذا الدور. وأشارت صحيفة زمان اليوم بأن هناك أسباب عديدة تدفع تركيا للانخراط في منظومة أمن الخليج ومن أبرزها: • التحالف التركي – الأمريكي. • عضوية تركيا في حلف الناتو. وبالتالي، فإن ارتباط تركيا بهذين الحلفين يجعلها أكثر حرصاً على القيام بدور رئيسي في تثبيت أمن الخليج وحماية المصالح الحيوية الإقليمية والدولية المرتبطة بأمن الخليج، هذا وتجدر الإشارة إلى أن الخليجيين تجنبوا دعوة سوريا وإيران لحضور تفاهم المنامة برغم أنهم قاموا بتوجيه الدعوة إلى مصر والأردن والهند وباكستان

تقوم خيارات السياسة الخارجية، أي سياسة خارجية، على الموازنة بين "الفرص" و"المخاطر" لتفادي الأضرار التي يمكن أن تتعرض لها المصالح الحيوية بفعل بعض الخيارات الخاطئة، ومن أبرز أخطاء دوائر صنع واتخاذ قرار السياسة الخارجية عملية إغفال "المخاطر" الطويلة المدى، والتورط تحت إغراء "الفرص" القصيرة المدى، التي بمرور الزمن تتحول إلى مخاطر أكثر ضرراً وتهديداً، وتشير معطيات خبرة السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، إلى أن الإدارات الأمريكية ظلت تترنح تحت ضربات فشل توجهاتها الخارجية، من تأثير "المخاطر" التي نجمت لاحقاً من جراء توجهات استقلال "الفرص" القصيرة المدى في الماضي. * الأزمة الكردية نموذجاً: استطاعت الفصائل الكردية، وتحديداُ الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة الملا مصطفى البرزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني، من استغلال "فرصة" الحصول على الدعم الإسرائيلي والأمريكي على خلفية الصراع العربي – الإسرائيلي، وذلك وفقاً لحسابات المنافع القصيرة المدى، دون إيلاء الاعتبار للـ"مخاطر" طويلة الأجل المترتبة على ذلك، وعلى وجه الخصوص ردود فعل البيئة العربية – الإسلامية التي يوجد ضمنها إقليم كردستان موضوع الصراع. ونفس الشيء على الطرف الآخر، فقد استطاعت أمريكا وإسرائيل استغلال "فرصة" الحركات الكردية في استهداف دول وحكومات المنطقة المعارضة للمشروع الأمريكي – الإسرائيلي، وعلى وجه الخصوص استهداف العراق وإيران دون إيلاء الاعتبار للمخاطر طويلة الأجل التي يمكن أن تبرز في مستقبل الصراع. المأزق الذي تواجهه السياسة الخارجية الأمريكية والتوجهات الإسرائيلية إزاء ملف الحركات الكردية يتمثل بوضوح في الآتي: • الموقف التركي "المتشدد" إزاء مستقبل الملف الكردي. • الموقف العراقي "المتواطئ" مع الموقف الكردي. * انقلاب جماعة المحافظين الجدد: حتى وقت قريب كان مايكل روبين (خبير جماعة المحافظين الجدد في الشؤون الكردية والذي قضى عاماً كاملاً متنقلاً بين المؤسسات التعليمية في الدهوك وأربيل بإقليم كردستان العراقي والذي يعمل حالياً خبيراً رفيع المستوى في معهد المسعى الأمريكي التابع لجماعة المحافظين الجدد واللوبي الإسرائيلي) يكتب المقلات ويقدم المحاضرات والندوات ويعد الدراسات حول القضية الكردية. يعتبر روبين اليهودي الأمريكي الأول والرائد في مجال التسويق داخل وخارج أمريكا لمشروع "الدولة الكردية المستقلة"، وقد ألف بعض الكتب في هذا المجال ولخدمة هذا المشروع. ولكن، وكما هي عادة رموز اللوبي الإسرائيلي وجماعة المحافظين الجدد فقد انقلب مايكل روبين فجأة على المشروع الكردي: • في صحيفة وول ستريت جورنال كتب مقالاً حمل عنوان «مشكلة إرهاب تركيا هي مشكلتنا» أكد على حق تركيا في الدفاع عن النفس ضد الحركات الكردية وأضاف قائلاً بأن مسعود البرزاني يفرش سجادة الحرير أمام الدبلوماسيين ولكنه في نفس الوقت يقدم الدعم والملاذ الآمن للإرهابيين. • وعلى موقع معهد المسعى الأمريكي نشر بحثاً مطولاً من تسع صفحات "كبيرة الحجم وبخط صغير" حمل عنوان «هل كردستان العراقية حليف جيد؟». وعلى غير عادة الدكتور –الباحث الأكاديمي المرموق- لم يستعرض مايكل روبين أي مقدمات تمهيدية، وإنما ولج مباشرة في الموضوع، وشنّ هجوماً مكثفاً ضد مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني. تحدث "صديق الأمس" قائلاً بأن قيادة كردستان الحالية تجعل من عملية إقامة حلف كردي – أمريكي أمراً متهوراً وغير عاقل: • بدلاً من أن تصبح كردستان العراقية ديمقراطية فإنها أصبحت نموذجاً أوتوقراطياً. • بدلاًَ من أن يصبح الزعيم الكردستاني "نيلسون مانديلا" آخر، فإنه يحاول جاهداً أن يصبح "ياسر عرفات" آخر. • بدلاً من الأقاويل المطالبة بجعل كردستان حليف لأمريكا، فإن ما يحدث في كردستان يجعلها بعيدة كل البعد عن الثقة والمصداقية. إن كردستان العراقية برأي مايكل روبين هي المستفيد الأكبر من عملية تحرير العراق التي نفذتها الولايات المتحدة وقد: • أصبح مستوى الدخل في كردستان هو الأعلى مقارنة بباقي المناطق العراقية. • مستوى الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر في كردستان هو الأكبر بالنسبة لبقية مناطق العراق. • الأمن في كردستان هو الأفضل بعد احتلال العراق. • العزلة الدولية المفروضة على كردستان انتهت بعد بدخول الاحتلال الأمريكي. • رحلات شركات الطيران الجوية تسير بانتظام بين العواصم الأوروبية مثل ميونخ وفيينا، وأربيل والسليمانية. • قوات الاحتلال الأمريكية والمشتركة تنعم بالراحة والاستجمام والاسترخاء في فنادق الدهوك ومنتجعات دوكان الكردية. * إدارة وآليات السيطرة على إقليم كردستان العراقي: وصف مايكل روبين الزعيمين الكرديين مسعود البرزاني وجلال الطالباني بأنهما يطبقان نفس أساليب النظام العراقي السابق في فرض السيطرة على الأكراد والإقليم. وأشار روبين إلى أن أجهزة الأمن التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني تتغلغل عميقاً في بنية المجتمع الكردي، ليس لحماية الأكراد وكردستان وإنما لحماية مصالح زعامة البرزاني – الطالباني. ومثلما كانت أجهزة أمن النظام العراقي السابق لا تتورع عن التنكيل والبطش بطلاب المدارس الثانوية والمتوسطة والابتدائية، فإن أجهزة مسعود البرزاني – جلال الطالباني تقوم بنفس الشيء تحت سمع وبصر القوات الأمريكية التي درجت على تجاهل الأمر خلال الفترة الممتدة من مطلع 2003م وحتى الآن. يقول روبين، لقد فرض الثنائي البرزاني – الطالباني قبضتهما الشديدة على كل آليات السيطرة وفرض النفوذ المشروعة وغير المشروعة، وأصبحا يتحكمان ليس في الأجهزة الرسمية وإنما في التفاعلات الاجتماعية التي يجب أن تتم بين أفراد المجتمع الكردي بشكل ديمقراطي سلمي، وتجسس البرزاني – الطالباني لا يكتفي بمراقبة الطلاب في الجامعات وإنما يمتد إلى مضمون البحوث العلمية وليس تلك التي يعدها الطلاب فحسب وإنما الأوراق العلمية التي يقوم بإعدادها الأساتذة أيضاً. تتضمن قبضة البرزاني – الطالباني التمييز بين أفراد وجماعات الأكراد، بحيث أصبحت عناصر البشمركة تتميز بمزايا التجاوز والبقاء خارج مظلة سيادة القانون، وحالياً لا يوجد في كردستان من يستطيع محاسبة عناصر البشمركة على ما يقترفونه من تجاوزات وجرائم في حق الأكراد أنفسهم. ويشير مايكل روبين إلى قيام جهاز الأمن السري التابع لمسعود البرزاني بخطف أحد الصحفيين النمساويين بسبب نشره مقالاً تساءل فيه عن الفساد الذي تنخرط فيه عشيرة البرزاني علماً بأن الصحفي النمساوي قام بنشر وثائق تشير إلى الصلة بين الملا مصطفى البرزاني (والد مسعود) وجهاز المخابرات السوفييتية (كي جي بي). وبعد محاكمة استمرت جلستها 15 دقيقة فقط، حوكم الصحفي النمساوي الجنسية (الكردي الأصل) بالسجن 30 عاماً، ولم يتم الإفراج عنه إلا بعد تدخل المنظمات الدولية وحقوق الإنسان ووزارة الخارجية الأمريكية. عموماً، تقول قصة اليهودي مايكل روبين بأنه: • حصل على درجة البكالوريوس في البيولوجيا من جامعة «يال» الأمريكية، ومن نفس الجامعة حصل على درجة الماجستير في التاريخ. • محاضر في شعبة التاريخ في جامعة «يال». • عضو زميل بمنتدى «سيروف» التابع لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى التابع للوبي الإسرائيلي. • عمل أستاذاً زائراً في جامعات كردستان الثلاثة: السليمانية، صلاح الدين، الدهوك. • عمل أستاذاً زائراً في الجامعة العبرية بإسرائيل. • عمل مستشاراً سياسياً لليهودي الأمريكي الجنرال غاردنر رئيس سلطة التحالف التي حكمت العراق بعد الاحتلال وظل في بغداد لأكثر من عام. • عمل مساعداً للشؤون العراقية والإيرانية في مكتب وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد. • مؤسس ورئيس تحرير دورية الشرق الأوسط، التي يشرف عليها إيليوت إبراهام ودانيال بيبي واللبناني زياد عبد النور. • يعمل حالياً في عدة وظائف أبرزها: * كبير المحاضرين بمدرسة الدراسات العليا التابعة للبحرية الأمريكية. * خبير معهد المسعى الأمريكي واللوبي الإسرائيلي المختص بالشؤون الكردية. • وضع العديد من الكتب والبحوث والأوراق العلمية حول المسألة الكردية. ونلاحظ أن مايكل روبين قد تضمنت خبرته العملية في بغداد محطتين: • عمل كأستاذ زائر في جامعتا كردستان خلال فترة عام 2001م وعام 2002م وخلال هذه الفترة كان نظام الرئيس الراحل صدام حسين ما زال موجوداً، ولكنه تسلل إلى إقليم كردستان الذي كان آنذاك يمثل "محمية" أمريكية تخضع لسيطرة الثنائي البرزاني – الطالباني، ونلاحظ أيضاً أن هذه الفترة تعتبر هامة لجهة كونها سبقت مباشرة عملية الغزو والاحتلال لذلك فقد كان وجود روبين هناك يرتبط بشكل أساسي بحلقات جمع المعلومات الاستخبارية عن العراق وعن شمال العراق في تلك الفترة، إضافة إلى تعزيز التعاون بين جماعة المحافظين الجدد وزعماء الحركات الكردية، تمهيداً لعلاقات وتحالفات ما بعد الاحتلال. • خلال فترة وجود روبين كمستشار سياسي للجنرال غاردنر الحاكم العسكري الأمريكي في العراق، لعب دوراً كبيراً في دفع التطورات باتجاه وضع وتنفيذ الترتيبات التي تمهد لانفصال إقليم كردستان. أما خلال وجوده في أمريكا فقد كان أحد أفراد عصابة الأربعة التي يعتمد عليها اللوبي الإسرائيلي وجماعة المحافظين الجدد في عملية صنع قرار الإدارة الأمريكية داخل أروقة معهد المسعى الأمريكي: • فريدريك كاغان مسؤول عن العراق. • بارتيك كلاوسن مسؤول عن إيران. • سونير كاغياتي مسؤول عن تركيا. • مايكل روبين مسؤول عن كردستان. وبعد هذه السيرة الذاتية والخلفية التاريخية الحافلة بالـ"شبهات" والأوراق الخفية، المعلنة وغير المعلنة، فإن انتقادات مايكل روبين للزعماء الأكراد خاصة البرزاني وطالباني، والحركات الكردية بشكل عام وقوات البشمركة وحكومة إقليم كردستان، لا يمكن اعتبارها صادرة عن قناعة "أكاديمية" جديدة توصل إليها البروفيسور مايكل روبين بل هي مواقف تعكس: • نوايا جديدة لجماعة المحافظين الجدد واللوبي الإسرائيلي. • احتمالات سياسة أمريكية جديدة إزاء ملف كردستان. • تطورات استخبارية وربما صفقة جديدة يتوقع حدوثها في الملف العراقي، الملف الكردستاني، والملف التركي. فما هي التحولات والمناورات الجديدة القادمة؟ ومن سينقلب على من داخل كردستان، داخل العراق؟ من المؤكد أن الأيام القادمة سوف تحمل رياحها التسريبات الجديدة القادمة من واشنطن أو تل أبيب أو أربيل أو أنقرة..... أو ربما بغداد.
|
|
|