
يتوجه وفد برلماني سويسري إلى كوردستان العراق في زيارة عمل في الفترة ما بين 6 و13 أبريل الجاري، يستعرض فيها الأوضاع في اربيل والسليمانية.
ويضم هذا الوفد مجموعة من الساسة المهتمين بتعزيز العلاقات بين سويسرا والشعب الكوردي، الذين يرون أن هذه المنطقة من الشرق الأوسط تقبع حاليا وسط مخاطر جيو – استراتيجية، قد تترك بصماتها على المنطقة في المستقبل المنظور.
يقول النائب البرلماني كارلو سوماروغا الذي يترأس الوفد في حديثه مع سويس انفو إن الهدف من تلك الزيارة يصب في 4 اتجاهات: الأول لقاء تعارف مع رئيس إقليم كوردستان العراق، ثم زيارة أعضاء البرلمان المحلي هناك، وذلك ردا على الزيارة التي قام بها وفد برلماني كوردستاني إلى سويسرا قبل عام برئاسة عدنان مفتي وذلك "كي يتمكن الوفد السويسري من التعرف على آليات عمل المنظومة السياسية في تلك المنطقة، وذلك لاهتمامنا بالتعرف على حضور قواعد اللعبة الديمقراطية هناك، وإقامة نقاش جاد مع البرلمانيين الكورد حول تطبيق الديمقراطية في كوردستان العراق"، حسب قوله.
أما الهدف الثاني من الزيارة فهو - حسب سوماروغا - "التعرف على الخطوات التي يقوم بها الكورد للحصول على احترام حقوقهم، وتقديم التحية لهم على ما قاموا به حتى اليوم من خطوات أيجابية أوصلتهم إلى هذه المكانة".
وسيركز المحور الثالث للزيارة على مقابلة ممثلين عن الكورد من الدول المجاورة مثل إيران وتركيا وسوريا "لفهم أوضاعهم هناك من زاوية جيو- استراتيجية" على حد تعبيره، في حين سيهتم المحور الرابع بلقاء ممثلي المجتمع المدني في كوردستان العراق والمنظمات غير الحكومية المهتمة بالبحث عن حقوق المرأة الأطفال والمعنية بأوضاع حقوق الإنسان التي "ستكون الملف الحاضر في اهتمامات الوفد السويسري أينما ذهب"، حسب قول سوماروغا، فضلا عن لقاء مع من وصفهم بالصحفيين المستقلين.
ويقول سوماروغا إن المجموعة البرلمانية السويسرية للعلاقات مع الشعب الكوردي، تشكلت منذ عام "لتوطيد العلاقة مع هذا الشعب الذي عانى من الاضطهاد على مدى التاريخ، والتعرف على أوضاعهم كأقلية في منطقة ذات أهمية إستراتيجية حرجة وتمر بظروف سياسية صعبة"، مؤكدا على أن اللجنة البرلمانية "لا تتدخل في شأن سياسي داخلي، وإنما تتعرف على حقيقة الأوضاع في كوردستان العراق، سواء من الناحية السياسية أو آليات العمل السلطات هناك، وأوضاع حقوق الإنسان".
مقابلات رسمية وأخرى غير حكومية
تكونت هذه المجموعة البرلمانية بمبادرة شخصية من أعضائها الأربعة لتعزيز التعاون مع الشعب الكردي، والوقوف على مراحل مسيرته كأقلية مضطهدة في سوريا وتركيا وإيران، وتحاول دعمهم للحصول على حقوقهم كأقلية تعاني من المتغيرات السياسة في المنطقة، وسيرافق الوفد كل من ميشيل كريسنر من المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين، وكاسبار هالر من جمعية الشعوب المهددة، مع مجموعة من الصحفيين والإعلاميين.
ويرى سوماروغا أن الأوضاع تتغير بوتيرة عالية في الشرق الأوسط بشكل عام وفي العراق على وجه الخصوص، مما سيترك انعكاسات على المسار الديمقراطي في المنطقة، وسيتعرف البرلمانيون السويسريون على مختلف الآراء المتعلقة بالمسار الديمقراطي في المنطقة والمشكلات والعوائق التي تحول دون تقدمها، مشيرا إلى التجربة السويسرية الناجحة في التعايش السلمي بين مختلف الطوائف الدينية والأصول العرقية، و"إن كان هذا قد أتى بعد سنوات من الحرب"، حسب قوله.
وتحاول المجموعة بناء ما يمكن وصفه بـجسور التواصل بين سويسرا وكوردستان العراق، "فبعد المعاناة التي عاشها الكورد في عهد صدام حسين، بدءوا في الحصول على امتيازات خولت لهم الوصول إلى الحكم الذاتي وانتخاب برلمان خاص بهم وأمسكوا الآن بزمام أغلب الأمور المتعلقة بهم في أيديهم، وهو تطور جيد ونرغب في التعرف على ما وصلت إليه تلك التجربة حتى اليوم"، حسب قول سوماروغا.
كما ستلتقي المجموعة البرلمانية بمنظمات غير حكومية أوروبية - كوردية – عراقية تعمل هناك للاستماع إلى تقييمها للأوضاع، لاسيما فيما يتعلق بحرية التعبير عن الرأي وحقوق الأقليات العرقية والدينية الأخرى المنتشرة في بلاد الرافدين، والتعرف على مستوى التعليم ونشاط وسائل الإعلام ودورها في المجتمع. كما ستلتقي بممثلين عن الاقليات المختلفة مثل المسيحيين والآشوريين واليزيديين.
وسيزور الوفد السويسري الجامعات والمعاهد العليا في كوردستان العراق، للتعرف على الدور الذي تلعبه في تنمية الاقتصاد المحلي وبرامج الاعتماد على الموارد الطبيعية الموجودة في المنطقة، لاسيما في الزراعة والمجالات المتعلقة بها.
رعاية الضحايا
وسيضم الوفد أيضا ممثلا عن جمعية (الشعوب المهددة) السويسرية غير الحكومية، التي تتابع عن كثب المشكلات التي يتعرض لها الكورد، وأصدرت بيانا في 16 مارس الماضي في مناسبة ذكرى مرور 19 عاما على مذبحة حلبجة، التي راح ضحيتها ما لا يقل عن 5000 شخص بعد تعرضهم لغاز الخردل السام، ثم وصل عدد الضحايا إلى 182000 نسمة بعد دخول قوات الجيش العراقي على المنطقة آنذاك.
وترى الجمعية في بيانها أن "المذابح التي تعرض لها الكورد في العراق على سبيل المثال، لم تأخذ حقها الكافي من الكشف عن الخبايا التاريخية، وذلك بسبب إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، فذهبت معه الكثير من الأسرار والخبايا ليس في معركة الأنفال فحسب بل أيضا في مخالفات جسيمة أخرى تتعلق بإنتهاكات حقوق الإنسان في حق الشعب الكوردي"، ويشير خبراء الجمعية إلى أن أثار مذبحة حلبجة وحملة الأنفال لا زالت قائمة حتى اليوم في المجتمع الكوردي.
وكانت الجمعية قد أولت اهتمامها بأوضاع حقوق الإنسان في العراق منذ عام 1970، وركزت على ضحايا التعذيب لنظام البعث الحاكم في العراق، وافتتحت في صيف 2006 مكتبا لها بمدينة أربيل، لدعم ضحايا حملة الأنفال ورعاية اللاجئين الذين يبحثون عن ملاذ آمن في شمال العراق.
جين عفرين