جين عفرين : حوران : داعل : عاجل : انتشار كثيف جداً لقوات الأمن التي وصلت مدينة داعل في المقبرة التي يتم فيها اليوم تشييع الشهيد البطل محمد الجاموس و الشهيد البطل مالك أبوزيد رغم أن الأمن و الجيش يمنعون تواجد أكثر من عشرين شخص في كل تشييع ... إلى جنان الخلد يا أحباب ... إلى جنان الخلد يا أصحاب ... إلى جنان الخلد يا قرايب ...




 

تركيا وخيارات المواجهة مع حزب العمال الكردستاني


-

يظهر التصعيد العسكري والسياسي المتواصل الآن على طرفي الحدود العراقية التركية قلقا وهما متزايدين لحكومة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ربما لم يكن موجودا لدى أي من الحكومات السابقة.

فما بين إبقاء نزعة التحدي لحزب العمال الكردستاني للأمن القومي التركي ورغبة الإجهاز على قواعده ومرتكزاته بضربة عسكرية حاسمة تتأرجح خيارات الحكومة التركية وربما تتعقد في ظل ضغوط داخلية وعوائق إقليمية ودولية لم يعد بالإمكان تغافل تأثيرها على مستقبلها السياسي.

كوابح التصعيد التركي
لا شك أن من يتطلع إلى لغة التهديد والوعيد التي يطلقها الساسة والعسكريون الأتراك ضد عناصر حزب العمال وقيادات الأحزاب الكردية في العراق يدرك أن الأيام المقبلة ستكشف عن عمل عسكري ساحق ستقوم به حكومة أردوغان ضد قواعد الحزب في شمال العراق يعينها على دخول الانتخابات التشريعية المقبلة بثقل كبير.

إلا أن المتفحص لواقع السياسة التركية يدرك أن تبني هكذا خيار لم يعد أمرا متاحا وستترتب عليه عواقب وخيمة ليس لتكلفته العسكرية بل لمتغيرات داخلية وخارجية أخذت تضغط على القرار التركي لعل أبرزها:

1- التطور الذي طرأ على أساليب القتال لحركات التمرد والمقاومة المسلحة، التي بدأت بتبني أساليب متطورة في التدريب على حروب الشوارع والجبال ما يصعب على الجيوش التقليدية متابعتها والمطاولة معها.

وهكذا فبالنسبة لجيش تقليدي كبير الحجم كالجيش التركي يصعب عليه تشتيت جهده في حرب استنزافية لملاحقة مجموعات صغيرة من مقاتلي حزب العمال قادرة على المناورة والاختباء في الكهوف والجبال الوعرة وإعادة الكرة في أوقات أخرى، وتظهر الورطة الأميركية مع فصائل المقاومة العراقية وتطوير الأخيرة لأساليب ووسائل قتالية جديدة في مواجهة الآلة العسكرية الكبيرة للجيش الأميركي صعوبة إحراز نصر عسكري على مجاميع عسكرية صغيرة تتبنى باستمرار أسلوب الكر والفر في مواجهاتها العسكرية.

لا شك أن أي هجوم عسكري على قواعد حزب العمال سيستغرق وقتا أطول مما يحسب له، وهو ما يدخل الاقتصاد التركي في استنزاف متواصل يقضي على كل مؤشرات النمو التي حققتها حكومة العدالة والتنمية في سنوات حكمها الماضية.

فبفضل أسلوب الحكم الرشيد الذي تم تبنيه في مكافحة الفساد المالي وتوفير فرص العمل ورفع مستوى المعيشة للطبقات الفقيرة والانفتاح على الخارج لجلب الاستثمارات الخارجية حقق الاقتصاد التركي قفزات كبيرة وخرج من أزماته السابقة في المديونية والبطالة وغيرها، من هنا فإن أي مغامرة عسكرية غير محسومة النتائج ستعود بالاقتصاد التركي إلى حافة الإفلاس والانهيار.

3- إن أي هجوم عسكري على قواعد حزب العمال سيوجه ضربة قاصمة للعلاقات الأميركية التركية المتوترة أصلا على خلفية رفض حكومة العدالة والتنمية المشاركة في حملة الاحتلال الأميركي للعراق، إذ إنه سيقوض الجهود الأميركية لتثبيت حكومة نوري المالكي الضعيفة أصلا ويوجه ضربة مؤثرة لأهم حلفاء أميركا في العراق من الأحزاب الكردية التي ما فتئت الولايات المتحدة تقدم لها كل أسباب المساندة لضمان بقائهم في العملية السياسية التي تحرص إدارة الرئيس بوش على ديمومتها في العراق.

4- سيثير أي عمل عسكري مشاعر الاستياء الدولي والأوروبي حيال حكومة أردوغان الإسلامية، ويرفع من تعاطف الشارع الأوروبي مع قضية حزب العمال.

فمن المعلوم أن تحسين سجل تركيا في ميدان حقوق الإنسان، لا سيما للجماعات المهمشة كالأكراد، بات من أهم اشتراطات الأوروبيين حيال انضمام تركيا إلى منظومتهم السياسية والاقتصادية.

رؤية جديدة للتعامل مع الأكراد
اظهر أداء حكومة العدالة والتنمية في التعامل مع الملف الكردي تصورا مختلفا عن سابقاتها، فهو أداء مازج بين القوة والسياسة أو بتعبير أدق بين البندقية وغصن الزيتون.

ففي الوقت الذي لم تتخلف فيه حكومة أردوغان عن توظيف قوتها العسكرية لقمع التمرد الكردي الذي عاود نشاطه بعد العام 2003، لم تتردد كذلك في الإعلان وبتحد صارخ للمؤسسة العسكرية عن عزمها اتخاذ إصلاحات سياسية واقتصادية لحل المشكلات التي تعترض سبيل الوحدة الوطنية التركية، وأهمها مشكلة الهوية والاندماج للجماعات المتمردة وفي مقدمتها الأكراد.

وعلى أثر هذا التوجه قام رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان في يونيو/ حزيران 2006 بأول زيارة لمناطق جنوب شرق الأناضول، حيث اطلع على أهم مشكلات المجتمع الكردي المتعلقة بالمنع الثقافي والحرمان الاقتصادي وارتفاع البطالة والفقر.

ومن هناك أعلن أردوغان وبشكل صريح عن وجود مشكلة كردية وأخطاء ارتكبت بحلها وأكد الحاجة لحل سياسي حقيقي، ورغم أن تصريحاته تلك لقيت معارضة قوية من التيار القومي المتشدد والمؤسسة العسكرية التي اعتبرتها تشجيعا للتطرف والتمرد الكردي، مضت الحكومة بتوجس ببعض الإجراءات التي تؤشر على تفضيلها للحلول السلمية على العسكرية.

ومن أهم هذه الاجراءات السماح لأول فضائية كردية ببث برامجها لعدة ساعات يوميا، فضلا عن سماحها لجامعة إسطنبول بعقد أول مؤتمر عالمي دعيت له أبرز الشخصيات الفكرية لبحث مستقبل المسألة الكردية، وهو تطور ما كان ليحصل لولا رغبة الحكومة التركية في تهيئة الأجواء السياسية والمناخات الفكرية لقبول حلول سلمية للمسألة الكردية في السنوات المقبلة.


ولعل أهم المؤشرات التي يمكن استشفافها من التوجه التركي الجدي

أولا: انتهاء التصور الأمني والعسكري للمسألة الكردية المتمثل بوجود مجموعة إرهابية وخارجة عن القانون يمثلها حزب العمال تسعى إلى زعزعة استقرار وأمن الدولة التركية.

إذ إن تعزيز الحقوق الثقافية الكردية والاعتراف بوجود أخطاء سياسية ارتكبت سابقا والقبول بمنهج التفاوض مع طرف ثالث هم أكراد العراق لإيجاد آليات سلمية لحل إشكالية حزب العمال سيلغي عسكرة المسألة الكردية ويؤسس لتوجه واقعي جديد ليس أقله احتمالية الاعتراف بحقوق الشعب الكردي في إطار الدولة التركية، كما هو حاصل مع أكراد العراق.

ثانيا: وارتباطا بذلك فإن أي اعتراف تركي بتلك الحقوق يعني إعلانا صريحا بموت المفهوم الكمالي للدولة التركية الذي ينطلق من مفهوم أحادية العرق أساسا للدولة القومية.

فحكومة أردوغان بدأت بالاقتراب التدريجي من الفهم الواقعي لمفهوم الأمة أو الدولة القومية الذي لم يعد في عصر العولمة مستندا إلى وحدة العرق أو القومية أو الدين وإنما إلى قوة الانتماء إلى الدولة بين أفرادها بما يعنيه من تعزيز للآليات السياسية التي تقوي من مفهوم الولاء والمواطنة للدولة عند جميع الأتراك وبغض النظر عن تمايزاتهم القومية واختلافاتهم الدينية.

ثالثا: سيكون لتجربة أكراد العراق أثر مهم في انفتاح الحكومة التركية حيال أكرادها، إذ إن واقع القوة والنفوذ الذي أخذت تتمتع به قيادات الأحزاب الكردية في المشهد السياسي العراقي سيكون له إسقاط واضح في تصاعد مطالب أكراد تركيا للحصول على الحد الأدنى من حقوق أقرانهم العراقيين.

وقد أثبت التصعيد الأخير للعنف على الحدود العراقية التركية حجم التأثير الذي أخذت تمارسه القيادات الكردية العراقية في دعم مطالب حزب العمال السياسية، ما حدا بالحكومة التركية إلى الإعلان وللمرة الثانية عن رغبتها في إجراء مفاوضات مباشرة مع حكومة إقليم كردستان لوضع حد لمشكلة التمرد المنطلق من أراضي الإقليم ضد أمنها القومي.

إن تلك ولا شك مؤشرات مهمة على أن الحكومة التركية هي أميل إلى الحل السلمي منها إلى استخدام العصا العسكرية التي بينت السنوات السابقة فشلها في قلع الشعور القومي الكردي، وهي مؤشرات قد يكون لها وقع ومصداقية عالية نظرا لحجم التأييد الذي أخذت تحرزه حكومة العدالة في الشارع التركي بسبب إنجازاتها الاقتصادية وواقعيتها السياسية.

ارتباك أميركي مقصود


لعل أكثر ما يثير الاستغراب في المواجهة المحتدمة بين تركيا والأكراد هو الجمود في الموقف الأميركي من الأزمة الراهنة، والاكتفاء بالتصريحات الداعية إلى ضبط النفس وعدم اللجوء للخيار العسكري، وهو موقف لا يرتقي إلى حجم العلاقة الإستراتيجية التي تربط الولايات المتحدة بتركيا ولا بأهمية النظرة التي تخص بها الإدارة الأميركية حكومة العدالة والتنمية باعتبارها نموذجا متميزا للإسلام السياسي المعتدل الذي يمكن تقديمه لدول الشرق الأوسط بديلا عما تسميه بالإسلام المتطرف.

فرغم أن حزب العمال الكردستاني لازال يصنف وفقا للأجندة الأميركية بأنه حزب إرهابي ومع أن القوات الأميركية قد وعدت أكثر من مرة بأنها ستعالج مشكلة وجود مقاتلي الحزب في شمال العراق وتغلق مقراتهم وتمنع نشاطاتهم المسلحة في جنوب شرق تركيا غير أنها لم تتخذ أي إجراءات فاعلة بهذا الشأن.


بل إنها غضت الطرف عن نشاطات الحزب التي تصاعدت في الآونة الأخيرة ضد الجيش التركي وسمحت للقيادات الكردية العراقية أ

فضلا عن ضمان ابتعاد دول الجوار عن الانغماس بتفجير الوضع في العراق وزيادة الورطة الأميركية هناك فمن الواضح أن لتركيا استحقاقات سياسية كبيرة في العراق ومخاوف ومآخذ واضحة على سوء إدارة الحرب هناك، ولازالت الإدارة الأميركية حسب الرؤية التركية تتجاهل كل تلك المخاوف وتتعامل مع تركيا بطريقة متعالية بل ربما ثأرية تستحضر من خلالها الإحجام التركي عن المشاركة في حرب احتلال العراق عام 2003.

وعموما فمهما يكن حجم الحشود العسكرية وقوة التصريحات التي يطلقها الساسة والعسكريون الأتراك حيال أزمة حزب العمال فإننا نعتقد أن وراءها مقاصد ورسائل سياسية بالدرجة الأولى تهدف أنقرة إيصالها إلى أطراف الأزمة الآخرين.

وفي مقدمة هذه الأطراف القيادات الكردية العراقية، ومفادها أن الحكومة التركية التي قبلت وعلى مضض وتحت ضغوط أميركية واضحة بنمو واستمرار التجربة الكردية في شمال العراق فإنها لن تسمح باستنساخ تلك التجربة في أراضيها، وهي مستعدة لتبني كل الخيارات اللازمة لمنع هذا الأمر.

ونعتقد من تطورات الأزمة الراهنة أن رسائل التهدئة والدعوة إلى الحوار التي بدأت تطلقها القيادات الكردية ومن خلفها الحكومة العراقية هي دليل مؤكد على فهم جلي لمضامين الرسالة التركية، ولكننا لا ندرك إن كانت العبرة بالفهم أم